الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية لـماذا لم تساند النهضة ترشح نجيب الشابي أو مصطفى بـن جعـفر أو حمودة بـن سلامـة؟

نشر في  04 ديسمبر 2014  (09:31)

بقلم: محمد المنصف بن مراد

لو اختارت حركة النهضة مساندة نجيب الشابي أو مصطفى بن جعفر أو حمودة بن سلامة أو تقديم مرشّح نهضوي لتفهّمت الأمر ولقلت في نفسي انّ هذه الحركة  الدّينية السياسيّة أدركت طبيعة المجتمع التونسي وقرّرت الانخراط في حياة سياسيّة ترتكز على المنافسة الشّريفة واستقرار البلاد والتداول على السلطة والتعامل الحضاري مع كل الأحزاب ومؤسّسات الدولة والجمعيات..
لكن حزب السيد راشد الغنوشي يعرف حقّ المعرفة انّ الشابي وبن جعفر وبن سلامة وان ساندتهم النهضة ووقفت الى جانبهم في الانتخابات وساعدتهم على الفوز، فإنّه لا يمكن «ائتمانهم» ولا الوثوق بهم لأنّهم أصحاب شخصيات قويّة وعقل وتجربة، إضافة الى أنّهم متفتّحون على الأحزاب، وكلّ هذه المواصفات تمنعهم من تنفيذ أوامر غير مقبولة أو مناورات أو اتخاذ قرارات قد تضرّ بالبلاد.. أنّني أعرف هذا الثالوث جيدا نظرا الى المامي بالمشهد السياسي، كما تحدثت اليهم في عدّة مناسبات.. لقد رفضت النهضة مساندة هذه الشخصيات بعد ان لمّحت الى انّهم سيكونون مستقلّين عنها نسبيّا علما انّها ضمنية ساهمت في تقليص حظوظ التكتّل والجمهوري عندما اقتربا منها بحيث ابتعد عنهما عدد هام من الديمقراطيين وحتى المناصرين..

انّي اتوجه الى قياديي النهضة لأقول لهم:«أنتم لم تساندوا ايّ مترشّح حتى ان زعمتم انّ مناصريكم سيصوّتون بما تمليه ضمائرهم، لقد اكتشف الرأي العام انّ الموالين لحزبكم اختاروا المرشّح المنصف المرزوقي فكان أن قدّمتم له هدية بـ800.000 صوت تقريبا  فقفز حزبه من 68.415 صوت ليحصل ساكن قرطاج على 1.092.418 صوت! وهذه القفزة في الأرقام لم تشهدها الانتخابات عبر التاريخ وعبر القارات!
 وكان من الأجدر أن يتقدّم مرشح من حزبكم حتىتكتشفوا أنّكم غير قادرين على اقناع أغلبيّة النّاخبين.. لقد كانت فرصة تاريخية لتثبتوا انّكم لاترفضون الهزيمة ولا قواعد اللعبة الديمقراطية وذلك لو قدّمتم مرشحا وقبلتم بالنّتيجة السلبية وانخرطتم ـ شأنكم شأن أيّ حزب ـ في الحياة السياسيّة دون تقسيم الشعب الى علمانيين ومسلمين وقطعتم علاقتكم بالمنظّمة الاسلاميّة العالميّة وجعلتم  من استراتيجيتكم سبيلا للرقي  الاقتصادي واحترام الحريات  وصرتم دعاة للمعرفة والعلوم والثقافة وركيزة لحرية المرأة والنبذ المطلق للعنف والعدالة الاجتماعيّة لكنّكم فرّطتم في فرصة تاريخية بأن كان بإمكان الاسلام  التونسي أن يصبح منارة يهتدى بها أغلب المسلمين، وخيرتم مساندة المنصف المرزوقي الذي يمثّل لكم وخاصّة لصقوركم  حليفا قادرا على تكبيل الدولة ونجاعة الحكومة المقبلة..
ونظرا إلى انّ رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلّحة والساهر على السياسة الخارجيّة والأمن القومي وله رأي في أهمّ التسميات في بعض الوزارات فسيتعاطف معكم المرزوقي ويساند مواقفكم ويدخل بلبلة سياسيّة انطلاقا من تحالفه الضمني معكم ومن طبعه الحادّ ومن ميله للصّدام والتفرقة وذلك ـ لا قدر الله ـ لو فاز بمنصب رئيس الجمهورية..

وبما أنّ لرئيس الجمهورية صلاحيات تخوّل له ـ مع احترام الدستور ـ عدم الامضاء على القوانين وحل المجلس فانّ ترشّح المرزوقي يصبح من مصلحة الصّقور الذين يخشون حكومة تحترم الحريات وتشنّ حربا ضروسا على الارهاب وتراجع أهمّ التعيينات وتفتح بجدية ملفّات اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي..
ثمّ انّ هناك أسئلة هامّة تخصّ تأثير إمارة قطر على الخيارات التونسية والحركة العالميّة للاخوان المسلمين والحكومة التركية».
فعلى كل الديمقراطيين ان يكونوا على وعي بالمخاطر الكبرى التي سيواجهها شعبنا الأبيّ إذا انتخب المنصف المرزوقي رئيسا..
مهما يكن من أمر، متى ستتخلّى حركة النهضة عن مرجعياتها الدّينية المتشدّدة لتصبح حركة سياسية تهتمّ بالهوية وتؤمن بوسطية اسلام الزيتونة واعتداله وتندمج في معركة المعرفة والأخلاق والعدل والحريات وكسب العلوم وبناء اقتصاد منيع وثقافة مشعّة..